تخطى إلى المحتوى

آثار بخارى-٢

ديسمبر 16, 2009

من أهم الآثار في بخارى هو مجمع “پاي كاليان” و معناه بالفارسية “قدم العظيم”، و هو المجمع التاريخي الذي يقع بجوار منارة “كاليان” العظيمة. و هو من الآثار المميزة في بخارى، حيث يتفرد بتصميمه المعماري. و قد شيد هذا المجمع في مكان بيت النار قبل الإسلام. ففي عام ١١٢٧م شيد القائد التركي للدولة القراخانية المسجد و المنارة. هيبة هذا البناء و عظمته جعلت جنگيز خان يظن أن هذا المسجد هو قصر حاكم بخارى، و لكن المسجد لم يسلم من التدمير و الخراب في أيام الحروب و الغزوات على بخارى، و كل ما بقي من البناء الأصلي هو منارة كاليان.

تتسيد المنارة المشهد العام في بخارى القديمة، و تتعدى أبعادها حدود مهمتها الأساسية و هي النداء للصلاة، حيث يمكن القيام بهذه المهمة من على سطح المسجد. بنى هذه المئذنة المعماري “باكو” حيث يمتزج اسمه مع اسم القائد أرسلان خان على النقوش التي على المنارة. و يعتقد السكان المحليون أنه دفن في أحد البيوت في المنطقة السكنية المجاورة للبناء. و شكل البناء اسطواني يضيق قطره كلما اتجهنا للأعلى. قطر البناء عند القاعدة تسعة أمتار و قطر البناء في أعلاه ستة أمتار، و يرتفع شاهقاً في السماء بعلو ٤٥،٦ متراً. و يوجد بداخل المنارة سلم لولبي يصعد بك إلى أعلى المنارة حيث توجد غرفة دائرية ذات ستة عشر نافذة مقوسة تعطي مشهداً بانوراميا لمدينة بخارى. من العجيب أن هذه المنارة عرفت أيضاً ببرج الموت، حيث كانت تستعمل لإعدام المجرمين برميهم من أعلى البرج.

منارة كاليان.

منارة كاليان عام ١٩٠٩م

منظر مقرب لأعلى المنارة.

بعد أن دمر مسجد كاليان على يد جنود جنگيز خان، أعيدت محاولة بناء المسجد مرات عديدة، و لكن أنجحها و أدومها هو المسجد الذي بناه السلطان معز الدين أبو الغازي عبيدالله . هو ابن أخ السلطان شيباني خان حيث تولى حكم بخارى عام ١٥١٢م أي بعد عامين من وفاة عمه عام ١٥١٠م. ظل حاكماً ناجحاً لبخارى حتى عام ١٥٣٣م حيث أصبح الخان على الدولة الشيبانية، خان ما وراء النهر. بعد توليه الحكم رفض الإنتقال إلى العاصمة حيث كانت سمرقند، حيث جعل بخارى عاصمة لدولته و نالت بذلك اسم “خانية بخارى”. أحبت هذه العائلة بخارى، و بذلت كل جهدها لتصبح مساوية في جمالها لسمرقند.

بدأ الخان عبيدالله العمل على تحويل العاصمة إلى بخارى منذ وقت ليس بالقصير، فأنشأ مسجد كاليان عام ١٥١٤م، ليصبح نداً لمسجد “بيبي خانم” في سمرقند، و كلا المسجدين يتسعان لإثني عشر ألف مصل. و رغم أنهما في موقع المتنافسين، إلا أن المسجدين مختلفين في التصميم، حيث يقوم مسجد كاليان على مئتين و ثمانية أعمدة، و يحمل فوق سقفه مئتين و ثمانية و ثمانين قبة. تتوسط المسجد باحة تقود إلى القاعة الرئيسية للمسجد، تعلوها قبة زرقاء ضخمة.

منظر لمسجد كاليان من فوق منارة كاليان.

منظر من داخل باحة المسجد.

أحد مداخل المسجد.

تنسب مدرسة مير عرب إلى الشيخ عبدالله اليماني، الذي كان القائد الروحي لعبيدالله خان، و ابنه عبدالعزيز خان. حارب عبيدالله خان الإيرانيين مرات عديدة، و حاصر مدينة هرات ثلاث مرات. حصيلة لتلك الحروب ضد الشيعة أسر عبيدالله خان عدداً لا بأس به من الجنود الشيعة، ففاداهم قادتهم بأموال استخدمها عبيدالله خان لبناء هذه المدرسة و هي أحد أكبر مدارس بخارى حيث تحوي مئة و ستين غرفة درس.

منظر لواجهة مدرسة مير عرب.

مدخل المدرسة.

باب المدرسة مكتوب في أعلاه "قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:طلب العلم فريضة على كل مسلم."

يعد مجمع “لابي حوض” من أكبر التجمعات الباقية للأحواض المائية في بخارى. و هي الأحواض التي كانت من المصادر الرئيسية للمياه في بخارى، تم ردم معظمها في العهد السوڤيتي ما بين ١٩٢٠-٣٠ م لانتشار الأمراض من مياهها، و تأتي أهميتها كونها تقع وسط عدة شواهد و مباني تاريخية لم يتغير فيها الشيء الكثير منذ القرن السادس و السابع عشر. يتكون المجمع من ثلاثة مبان رئيسية هي مدرسة كوكلداش شمالاً و خانگاه في الغرب و مدرسة نادر ديوان بيگي شرقاً.

جانب من أحد البرك.

المنظر السابق في فصل الشتاء.

أحد البرك.

الترجمة الحرفية لكلمة “كوكلداش” هي “الأخ بالتبني”. و معنى هذه اللفظة في النظام الموروث عن سلالة جنگيز خان أحد أهم المناصب في مجلس الخان. و باني هذه المدرسة هو أحد الرجال الذين تبوؤا هذا المنصب في فترات حكم لعدة خانات في العهد الشيباني، و يدعى “قل بابا”. و من الثابت تاريخياً أن الأمير قل بابا قد ساعد عبدالله خان الثاني “١٥٦١-١٥٩٨م” و هو من أقوى الخانات في الدولة الشيبانية. من التراث الموروث عن السلالات المغولية في تنصيب الحاكم أو الخان الجديد يتم بسطه على فراش أبيض من الصوف و يرفعه من الأطراف الأربعة أقوى أربعة رجال في الدولة، كان أحدهم قل بابا. و لقب الخان لا يعطى إلا للرجال المنحدرين من سلالة جنگيز خان.

يبلغ طول مدرسة كوكلداش ثمانين متراً و عرضها ستين متراً، و تحوي على أكثر من مئة و ثلاثين حجرة درس. أصبحت مدرسة كوكلداش رمزاً للدولة القوية المستقرة في عهد عبدالله خان الثاني، و هي مشهورة بديكورها الداخلي الأبيض و بوابتها المميزة و التي تحتوي على تركيبات و زيادات لم يتم تثبيتها بمسامير أو غراء، و تم تزيين الواجهة بنقوش هندسية.

واجهة مدرسة كوكلداش.

الباحة الداخلية للمدرسة.

لوحة المدرسة.

بنيت مدرسة نادر ديوان بيگي في عهد إمام قلي خان، و الذي بناها كما هو واضح نادر ديوان بيگي و ديوان بيگي هو اللقب الذي يعطى لولي العهد في الدولة الأشتراخانية و التي أسست عام ١٥٩٩. بنى نادر ديوان بيگي مدرسته بعد أن بنى حاكم سمرقند “يلنطش بي” مدرسة شير دار في سمرقند عام ١٦١٩م و التي بنيت بنظام جديد حيث زينت الواجهة برسومات للشمس و نمور و التي لم تكن معتادة في المدارس الإسلامية، بنى نادر ديوان بيگي مدرسته على نفس النمط، و قد بناها أساساً لتكون بيتاً للقوافل “كرڤان سراي” و لكن إمام قلي خان في حفل الإفتتاح أعلن بأن هذا المبنى هو مدرسة، فاضطر نادر ديوان بيگي  لتعديل المبنى و إضافة دور إضافي لعدد من الحجرات لتكون مدرسة.

واجهة مدرسة نادر ديوان بيگي.

صورة أبعد لواجهة المدرسة.

3 تعليقات leave one →
  1. فيفري 7, 2010 1:27 صباحًا

    ياااااسلاام
    الله عليكي يا احلى ارض

  2. فيفري 19, 2012 12:35 مساءً

    اثار لا تنسى من الاراضي الاوزبكية

  3. أكتوبر 1, 2014 9:09 مساءً

    من احلى المنارات الاسلامية فاسلوبها المعماري مبتكر ونادر

أضف تعليق